تلفزيون السلام ـ فلسطين ـ الكاتب: د.حازم الشنار ـ قد يعتقد القارئ ان العنوان يتعلق بمواطن تمنعه سلطات الاحتلال او احدى الدول الاخرى من السفر لأسباب أمنية او في احسن الحالات ان قرارا قد صدر بمنعه من السلطات المختصة لارتكابه جناية معينة يجيز القانون حرمانه من السفر عليها لحين صدور قرار قضائي بحقه بشأنها.

لكن ان يقوم رئيس هيئة بمنع موظف رئيسي فيها من السفر بمهمة محددة(لدولة واحدة وليوم واحد) بشكل مفاجئ وبدون تبليغ خطي ودون ابداء الاسباب بعد ان كان وللمرة الاولى منذ سنة قد كلفه كتابيا بالسفر في تلك المهمة، ورغم ان العلاقات الخارجية هي في نطاق مسئوليته واختصاصه، وان يستدعي ذلك اتصال رئيس تلك الهيئة من الخارج للإيعاز بإيقاف اجراءات السفر لذلك الموظف لمجرد اعتقاده بأنه هو المقصود من المقال الذي كتبه رغم انه لم يذكره في المقال او هيئته اوبلده بالإسم، وإنما كان يتكلم عن حالة قد تكون قائمة في أي بلد اخر، فذلك امر لا يمكن ان يخطر على بال أي شخص عاقل، إلا اذا كان رئيس الهيئة قد وجد تطابقا كاملا بين ما كتبه ذلك الموظف وبين واقع الحال المتعلق به وبتلك الهيئة، مما جعله يعتقد جازما ان المقال مكتوب عنه وينطبق عليه او على قول المثل : "الي ببطنو اعظام بتكركع" و"الي عراسو بطحة بخاف عليها". ما ادى الى شعور ذلك المسئول بالحرج وأثار حفيظته وجعله يستشيط غضبا ويصدر اوامره من الخارج لوقف سفر ذلك الموظف، وربما يقوم بردود فعل اخرى قد لا تنم عن اتزان وتعقل.

لا شك ان النقد الايجابي مطلوب، ومطلوب ايضا توضيح مواطن الخلل والفساد في المؤسسات والمجتمع وسبل الوقاية منه. وهناك وسائل متعددة للنقد منها ما هو صريح وواضح، ومنها ما يعتمد على دراسة حالات مشابهة في دول اخرى للاستفادة منها، والمقال المقصود هو من هذا النمط. وكل اشكال النقد مقبولة شريطة ان تعتمد على الحقائق الدامغة وان لا يكون القصد منها هو التجريح او الاساءة الشخصية وان يكشف صاحبها هويته بشكل صريح، حيث يتم عادة استخدام اسلوب النقد حسب طبيعة الموضوع وخصوصية الحالة وحساسيتها.

ان سياسة العقاب والثواب القائمة على حرمان بعض الموظفين الاصيلين وذوي الاختصاص تارة من القيام بالمهمات الداخلية وتارة بالمهمات الخارجية او بكلاهما معا بسبب عدم الرضى عنهم، وتكليف موظفين اخرين اومستشارين مرضي عنهم لتمثيل الهيئة وللقيام بالمهام الداخلية والخارجية واستحواذهم عليها بدلا عن اصحاب المسئولية الاساسيين حتى لو كانوا في مجالات ليست من اختصاصهم اوليس لديهم اية خلفية عنها بل ومنحهم مسميات وظيفية لا يمنحها سوى الرئيس انما يعبر عن مزاجية ومحاباة وتحيز واضح ومحاولة لشراء الذمم والولاء، ما ينعكس سلبا على كفاءة اداء الهيئة ومأسسته و شفافية الاجراءات الادارية المتخذة.

ان اتخاذ هذا القرار هو شكل من العقوبة المرفوضة وغير القانونية المبنية على الأحكام المسبقة دون سماع حتى تفسير من جانب الموظف او التدقيق في نواياه واتخاذ العقوبة قبل اتخاذ المقتضى الاداري وفق القانون وهو نوع من المناكفة والكيدية. كما انه يتناقض مع حرية الرأي والتعبير ومبادئ الحوكمة ويعني تطبيق سياسة كم الافواه التي تتعارض مع مبدأ احترام الحريات الشخصية التي ينص عليها القانون وذلك يستدعي العمل لوقف مثل هذه الاجراءات وابطالها ومنع تكرارها.