السبت | 20/04/2024 - 04:30 صباحاً - بتوقيت القدس
لا زال رنين صوتها وهي تشكو لي بألم عن الثورة بداخلها، وتتسائل: كنا مغيبين، أسرى لوضع لم نختره ولم ندفعه، حتى اندلعت الثورة والتهبت نيرانها لتتأجج بدواخلنا، ونصرخ ونحن نفك القيود، قيداً تلو الآخر، فنشعر بنشوة الكرامة تنتشر في دمائنا مختلطة مع ما سال منها ! وتضطرب قلوبنا تحدياً واصراراً مع ما يخالطها من خوف وغضب واضطراب..
لكننا اليوم، وكل يوم .... نكتشف أن الثورة لم تكن على نظام فحسب، بل امتدت لتثور على كل شيء بدواخلنا، وأن مشاعرنا اضطربت وتمردت... وصارت كمارد تحرر من زجاجة ضيقة ! !
لكنني أحياناً أخاف هذا المارد، وأخشى أن يثور علينا كما ثار على النظام، وأن يحرق الاخضر كما يحرق اليابس !! وألا نكون مستعدين بعد لأن نعمر الأرض، ونعلي الراية، ونقود الأمة !
ألا تلاحظين كم الأخطاء التي تصحب ثورتنا، وكيف ماتت كثير من القلوب، وكيف نكتشف كل يوم المزيد من الساقطين بكل صوب وحدب !
سكتت قليلاً، وحبست أنفاسها، لم تترك لي فرصة لأجيب.. إذ ربما لمست حيرتي وألمي للمصاب. فابتسمت، ونفضت رأسها بقوة تدفع عنه غبار اليأس، وقالت لي بحزم: لكنني مع ذلك سعيدة أن استيقظت قلوبنا، فلولا الألم لما شعرنا بالحياة تنبض من جديد ! ولولا النحدي لما تحركنا، ولولا الخسائر والصفعات لطالت غيبوبة أمتنا !
هو مارد، لكننا نملك أن نروضه ليكون معنا لا علينا..
ثم ضحكت وهي تتخيل منظر المارد يخرج من الزجاجة، فقالت أترانا حينما تمردت مشاعرنا وثارت كرضيع خرج من ضيق الرحم لسعة الدنيا؟ وشهدائنا يحلقون يومياً من ضيق الدنيا لسعة الآخرة !
ككل ليلة بعتمة الدجى، وبصحبة نور اليقين والكلام المبين.. أتلمس درباً أضعناه طويلاً..
وأفكر بمفهوم الحياة والموت، بمفهوم الظلمة والنور..
بمفاهيم كثيرة غيبت طويلاً، واليوم تحييها دماء الشهداء، وصرخات الأسرى، وكأنها كانت صدمة قاسية توقظنا من غفلة طالت، لتحيينا، ولتجعلنا نبحث عن النور الحقيقي الذي يضيء الدرب !
ذلك النور الذي نتلمس خطاه ونسمو به عن كل آلام الأرض، فتبتسم القلوب باطمئنان ويقين وهي تنظر من علو للدنيا بكل ما فيها من ظلمات وصغائر، أمام نور البصيرة والإيمان وعلو اليقين والهمة والجهاد
لا أتوقع صاحب قلب لا يتفاعل ويتألم لحال من حوله، لكن المشكلة حينما لا توجهه مشاعره هذه نحو فعل ايجابي ! والمشكلة الأكبر حينما يهرب من هذه المشاعر بتبريرات لا قيمة لها !
للصامتين، والمتفرجين، والمثبطين.. ما عاد لديكم الكثير من الوقت فسارعوا ليكون لكم سهم لربما بانقاذ حياة أسير !
ونبقى نحن لنتابع دوراً كتب علينا، ولا زلنا ندفع الثمن كل يوم.. ثمن صمت طال ونصر يستحق منا كل جهد وكفاح !
الفجر | 04:38 |
الظهر | 12:38 |
العصر | 04:17 |
المغرب | 07:12 |
العشاء | 08:39 |