الإثنين | 10/11/2025 - 09:43 مساءاً - بتوقيت القدس
تلفزيون السلام - فلسطين : من بين ركام بيت لاهيا شمال قطاع غزة، خرج صوت الشابة آية أبو نصر حاملاً وجعاً أكبر من سنوات عمرها، لم تكتب روايتها بحبرٍ وورق، بل بالدمع والفقد والذاكرة، لتوثّق واحدة من أقسى التجارب التي عاشها المدنيون في غزة خلال الحرب.
آية، 29 عامًا، فقدت 150 فردًا من عائلتها في قصف استهدف بناية خماسية الطوابق في مشروع بيت لاهيا في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2024.
تصف الكاتبة الشابة في حديثها لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام ما جرى بأنه “لحظة انطفأ فيها كل شيء”، وتلخّص حكايتها وجروح مدينتها بجملة صارت عنوان كتابها: “في غزة نجا من مات ومات من نجا”.
تفاصيل الفقد والنزوح تحت النار
تروي آية أن الحرب لم تمنحها فرصة للاختيار، “اقتحمت حياتي كما يقتحم الليل بيتاً مضاءً”، كما تقول، “وانتزعت عائلتي وبيتي وعملي وحتى شعوري بالأمان”.
وعلى الرغم من التهديدات المتكررة والدعوات للنزوح جنوبًا، قررت البقاء في شمال غزة لأطول وقت ممكن. لكن حين اشتدت العمليات العسكرية، وجدت نفسها تسير في طريق النزوح تحت فوهات الدبابات والطائرات.
تصف تلك الساعات بقولها: “كان يوماً مرعبًا… الدبابات تسير بجانبنا، التفتيش والإهانات والاعتقالات أمام أعيننا، وأمي تبكي لأنها تركت أبناءها في الشمال”.
من تلك اللحظة، تقول إنها أدركت أن واجبها أن “تُخلّد الحقيقة وتنقل للعالم ما يحدث”.
من الفاجعة إلى العمل الإنساني
بعد أن فقدت أفراد عائلتها، لم تسمح آية للألم أن يقيّدها، عملت في مؤسسات الدعم النفسي ومساندة النساء النازحات، محاولة تحويل جرحها الشخصي إلى سند لغيرها.
وتقول: “هذا الاحتلال لن يُضعف قوتي ولن يُسكت صوتي”.
في فصل من كتابها بعنوان “اللقاء الأول”، تصف مراحل عودتها للحياة رغم ثقل الفقد، وكيف حاولت أن تكون سندًا للناجيات مثلها.
شهادات من قلب النار
يوثق كتاب آية عشرات القصص الحقيقية لنساء نجون من القصف والجوع والنزوح. تكتب عن أم تصرخ فوق جثامين أطفالها التسعة، عن رجال ينتظرون المساعدات في طوابير محفوفة بالقصف، وعن أعياد مرّت بلا فرح ولا بيوت.
كما ترصد تفاصيل الحياة في الخيام: شبه انعدام خصوصية، نقص أدوية، ومعاناة مرضى ينتظرون العلاج بلا أفق.
من غزة إلى العالم
تم تبني كتاب آية ونشره رسميًا في سلطنة عمان، وتم توقيعه هناك، وبات متاحًا في عدد من المكتبات الدولية.
وتشدد آية على أن كتابها ليس عملًا أدبيًا عابرًا، بل وثيقة إنسانية وتاريخية تقول للعالم “هذا ما حدث في غزة كما رأيته وعشته”.
وتضيف: “كتبت كي لا تُمحى أسماء أحبتي وكي لا تموت غزة مرتين؛ مرة تحت الركام، ومرة في الصمت”.
آية أبو نصر لم تخرج من تحت الركام باكية فقط، بل شاهدةً ومقاومة بالكلمة، كتبت لتُبقي الذاكرة حيّة، ولتذكر العالم أن خلف كل رقم اسمًا، ووراء كل حكاية بيتًا كان يمتلئ يوماً بالضحكات.
| الفجر | 05:40 |
| الظهر | 12:23 |
| العصر | 03:21 |
| المغرب | 05:43 |
| العشاء | 07:07 |