الخميس | 25/12/2025 - 03:36 مساءاً - بتوقيت القدس
السودان.. فكرة الحرب تخلع القناع أمام العالم
لم يعد سبب اندلاع الحرب في السودان المستمرة منذ منتصف إبريل 2023، أمرا خافيا، إذ انكشفت الأهداف من شرارتها المدمرة، سريعا وبدون أقنعة.
وفشلت عشر مبادرات دولية، وإقليمية في وضع للحرب التي دمرت السودان، وقتلت عشرات آلاف الأشخاص، فيما تركت 24 مليون آخرين بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وعلى مستوى التطورات الميدانية، اعتبر التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود”، أن ما طرحه “رئيس وزراء سلطة بورتسودان” باسم مبادرة “حكومة الامل للسلام” في اجتماع مجلس الأمن الدولي أمس لم تقدم جديدا سوى التأكيد على استمرار الحرب وتصاعدها وتفاقم تبعاتها الكارثية على الشعب.
وأشار إلى "أنه لا يمكن بأي حال التعاطي معها بشكل جاد كجهد او كإطار لإيقاف نزيف الدماء في البلاد." وقال التحالف في بيان اليوم 23 ديسمبر 2025، إن "خطاب إدريس جاء في وقت تمر فيه البلاد بأكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم، ويقع فيها المدنيون ضحية لانتهاكات مروعة، إذ تشهد جبهات القتال خصوصاً في جنوب وشمال كردفان، تصعيداً متزايداً ينذر بكوارث محدقة تضاف إلى الكوارث الماثلة أصلاً، وأبان أنه عوضاً عن أن يسود صوت العقل وتتوجه البلاد نحو السلام، جاء خطاب سلطة بورتسودان منحازاً للأقلية المنتفعة من استمرار الحرب ومتجاهلاً أصوات غالب أهل السودان الذين عبروا بوضوح عن موقفهم الداعي للسلام والمتمسك بثورة ديسمبر المجيدة ومسار الانتقال المدني الديمقراطي."
كما حذر "من أن مثل هذه الأطروحات تمثل محاولة للتهرب من مسار السلام الذي اقترحته خارطة طريق الرباعية، وتفتح باباً جديداً للتبضع في سوق المبادرات فقط من أجل أن تظهر سلطة بورتسودان كأنها تبحث عن السلام في الوقت الذي تقوم فيه عملياً بوأد المبادرة الأكثر حظاً لإسكات صوت البنادق."
وتابع: "الطريق الأقصر والأكثر جدية نحو سلام عادل ومستدام ينهي عذابات السودانيين يمر عبر تطبيق خارطة طريق الرباعية الصادرة في بيان 12 سبتمبر 2025، والتي جاءت كاستجابة لتطلعات غالب مكونات الشعب السوداني التي عبرت عن دعمها للمبادرة بشكل واضح، ولم يشذ عن هذا الموقف سوى منظومة المؤتمر الوطني/الحركة الإسلامية وواجهاتهم الإرهابية التي تعمل على إطالة أمد هذه الحرب، وإجهاض كل فرص إسكات صوت البنادق واجتراح طريق لإنهاء الحرب."
الحرب وسيلة
ويؤكد أغلب المراقبين، أن اندلاع الحرب واستمراراها ما هو إلا وسيلة للبحث عن العودة وإعادة التموضوع من جديد، بالنسبة للإخوان المسلمين ولو على حساب الوضع.
وبهذا الخصوص، يقول محمد الأمين عبد النبي: "لم تكن الحرب التي تدور في السودان منذ منتصف أبريل 2023 صدفةً، بل هي تراكمُ الأخطاء والخيبات، والتركةُ الخبيثة للشمولية، والثمنُ الباهظ لخطيئة انقلاب الإنقاذ بتغلغل الحركة الإسلامية كتنظيمٍ أيديولوجي، رهن مصير أمة كاملة ببقائه في السلطة."
وأضاف: "لقد أثبتت الأيام أن التعامل مع الحركة الإسلامية كفصيل سياسي طبيعي كان وهماً قاتلاً؛ فالتنظيم الذي لا يؤمن بالمواطنة اختار مغامرة الدم كخيار أخير، مفاضلاً بين عودته للحكم على الأنقاض أو إحالة البلاد إلى رماد. فبعد فقدان الشرعية الانقلابية خلال ثلاثين عاماً، لجأت إلى استراتيجية إشعال الحرب لإجهاض الانتقال المدني الديمقراطي."
وأشار إلى أن سردية الحركة الإسلامية تقوم "على الوصاية على الشعب، وهي رؤية تفترض أن امتلاك شعارات الحسم العسكري يمنح التنظيم حقًا مطلقاً في قيادة المجتمع وتشكيل هويته قسراً." وتابع:" أخطر مآلات المشهد السوداني الحالي هو عودة الحركة على فوهة البندقية وفرض مشروعها العدمي، الذي يقتات على الصدام مع الداخل والخارج لضمان بقائه. وتتمثل المخاطر في العزلة الدولية، وخنق المساعدات، ورفض المبادرات الدولية مما يضع السودان تحت طائلة عقوبات قد تتجاوز الأفراد لتشمل مؤسسات الدولة الحيوية ويعمّق الانهيار الاقتصادي."
أجندة خارجية
وتكشف التقارير أن سيطرة الإخوان على قرارات الجيش في بورتسودان، يأتي دعما لأهداف تنظيم الإخوان المسلمين الدولي، وبدعم مباشر من دول إيران، وتركيا بالعتاد العسكري، وقطر عبر الأموال.
ويقول الناشط السوداني علي أحمد إن "الجيش السوداني مدعوم من بعض المنظمات والدول المصنفة عالمياً بأنها إرهابية، مثل النظام الإيراني والحوثيين، إلى جانب دولة قطر التي تكتفي بمد قيادة الجيش بالأموال لدفع فواتير شراء الأسلحة. " لافتا إلى أنها تدفع رواتب قيادة الجيش في بورتسودان.
وتابع: "ورغم هذا الدعم الكبير والسخي والمستمر للجيش، والإمكانيات القتالية الهائلة التي وفرتها له هذه الدول والمنظمات، والتي كانت كفيلة بحسم المعركة منذ بدايتها وفي وقت قياسي، كما يقول العديد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين، إلا أنه فشل بشكل مريع ومخجل في تحقيق أي انتصار يُذكر، وظل يتعرض دوماً لخسائر فادحة وهزائم ساحقة، مع هروب مستمر من أرض المعركة."
وأرجع ذلك، إلى "اختطاف القيادة العسكرية من قِبل الإسلاميين هو السبب الرئيس في الهزائم التي لحقت بالجيش، وفي شل قدرته على القتال والصمود. فجماعة الإخوان مرفوضة من قبل الشعب السوداني، الذي بدا له أن الجيش أشعل هذه الحرب من أجل إعادتها إلى السلطة مرة أخرى، بعد أن ثار ضدها وأطاح بها في ثورة ديسمبر المجيدة."
حليف جديد
في غضون ذلك، تشهد الحرب السودانية تحولا على مستوى التحالفات، وقد غيرت بهذا الخصوص، المملكة العربية السعودية من موقفها وأعلنت دعمها بشكل مباشر لبورتسودان، وهو ما اعتبره مراقبون، خدمة لأهداف الإخوان المسلمين.
وكانت الرياض، قد أعلنت أنها لن تنحاز لأي طرف على حساب وحدة السودان، في وقت كان ينظر إليها البعض كشريك لقوات الدعم السريع، نظرا لجهود الأخيرة في حرب الحوثيين في اليمن ودعم المملكة.
غير أن ذلك تغير بشل مفاجئ، إذ غيرت السعودية من موقفها سريعا، واستضافت قائد الجيش في بورتسودان عبد الفتاح البرهان، على غرار رئيس حكومته كامل إدريس الطيب في وقت سابق.
واستقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان منتصف إبريل 2025 بقصر اليمامة بالرياض، قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، في ظل استمرار الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الصراع في السودان، ودفع مسار التسوية السياسية.
ومع دعم إيران لإخوان السودان وميليشيا الحوثي في اليمن، يتحدث مراقبون، عن توجه الرياض إلى طهران عبر التماشي مع توجهاتها ومواقفها في الأزمات.
واتضح على المستوى السوداني، من خلال فتح أبواب الرياض للبرهان، وعلى مستوى اليمن، القيام بتحركات تخدم مصالح ميليشيا الحوثي بشكل خاص.
وتجلى ذلك، في تعليق المملكة السعودية، إصدار تصاريح دخول السفن إلى ميناء عدن جنوبي اليمن، وسط تحذيرات متصاعدة من تفاقم الأزمة الإنسانية.
والميناء يخدم البلاد بأكملها. وقد يؤثر تعليق تصاريح السفن سلبًا على تدفق السلع الأساسية إلى المدنيين الذين يعانون بالفعل من سنوات الحرب، ولكن إغلاقه أمام السفن يخدم الحوثيين والمشروع الإيراني في اليمن.
| الفجر | 06:10 |
| الظهر | 12:39 |
| العصر | 03:22 |
| المغرب | 05:40 |
| العشاء | 07:08 |